المتحف المصري الكبير يحتضن تمثال حارس توت عنخ آمون
المتحف المصري الكبير يحتضن تمثال حارس توت عنخ آمون
تستعد أنظار العالم يوم السبت المقبل لمتابعة الافتتاح التاريخي المرتقب لأعظم صرح حضاري في القرن الحادي والعشرين المتحف المصري الكبير، الذي يقف شامخًا عند أقدام الأهرامات، ليعيد كتابة التاريخ بلغة الحاضر، ويجمع تحت سقفه كنوز مصر القديمة في أضخم عرض متحفي من نوعه في العالم.
ومن بين أكثر القطع التي تخطف الأنظار وتثير الدهشة، يبرز تمثال الحارس الأسود للملك توت عنخ آمون، أحد الرموز الأبدية للملكية المصرية، والذي يعود ليتصدر المشهد في المتحف المصري الكبير، حيث يبدأ عرضه الرسمي للجمهور اعتبارًا من يوم الثلاثاء المقبل بعد الافتتاح الكبير.
تمثال الحارس لتوت عنخ آمون
حين اكتشف العالم البريطاني هوارد كارتر مقبرة الملك الذهبي عام 1922 بوادي الملوك في الأقصر، كانت أولى المفاجآت ظهور تمثالين بالحجم الطبيعي يقفان على جانبي مدخل غرفة الدفن، ملفوفين بلفائف من الكتان، وكأنهما لا يزالان يؤديان واجبهما المقدس في حماية سيدهما في رحلته إلى العالم الآخر.
ذلك التمثال، الذي يعرف اليوم باسم تمثال الحارس الأسود، يصور الملك واقفًا في هيئة الإله أوزوريس، إله البعث والخلود، في دلالة واضحة على وحدة الملك مع الآلهة في الحياة الأبدية.
يبلغ ارتفاع التمثال نحو 192 سم، مصنوع من الخشب المطلي بالراتنج الأسود، في إشارة إلى لون الخصوبة والتجدد في المعتقد المصري القديم، ومطعّم بلمسات من البرونز المذهب، يرتدي الملك شعرًا مستعارًا تعلوه حية الكوبرا البرونزية رمز الحماية الملكية، ويمسك في يده اليسرى عصا طويلة وفي اليمنى صولجانًا، كرمزين للقوة والسيطرة على الأرضين.
تفاصيل دقيقة تنبض بالحياة، تنقل المتفرج إلى قلب الطقوس الجنائزية الملكية، وتكشف عن عبقرية الفن المصري في التعبير عن فكرة الخلود بلغة الخشب والذهب.
بعد أكثر من ثلاثة آلاف عام من وقوفه في ظلال مقبرة الملك، يعود التمثال اليوم ليقف في قلب المتحف المصري الكبير، وكأنه يواصل مهمته الأبدية في الحراسة لكن هذه المرة أمام العالم كله، تحت الأضواء الحديثة التي تُبرز أدق تفاصيله، يروي الحارس قصته من جديد، شاهدًا على رحلة طويلة من الاكتشاف والترميم والنقل الدقيق الذي خضع له على أيدي خبراء المتحف للحفاظ على أصالته وبريقه.
اللون الأسود الذي يكسو التمثال ليس مجرد اختيار فني، بل هو لغة مقدسة في العقيدة المصرية القديمة، يرمز إلى الحياة المتجددة والخصوبة والانبعاث، بهذا اللون، أراد الفنانون القدماء أن يعلنوا أن الملك لم يمت، بل انتقل إلى الخلود، تمامًا كما زرعوا في عيون الحارس نظرة يقظة لا تنطفئ، وكأنها تراقب الزمن وتنتظر لحظة العودة.
سيتم تحسين تجربتنا على هذا الموقع من خلال السماح بملفات تعريف الارتباط

التعليقات 0